القائمة إغلاق

الاقتصاد اليمني في دائرة الانكماش.. تحذيرات دولية من تبعات استمرار الحرب والحصار

حذر خبراء اقتصاد دوليون من التراجع المستمر للاقتصاد اليمني، خلال الأشهر المقبلة، مع استمرار تداعيات الحرب والحصار، وحالة عدم اليقين بشأن وباء كورونا الذي يهدد البلاد في ظل وضع صحي شلت الحرب أكثر من 50% من قدراته التشغيلية، متوقعين أن يواصل الاقتصاد اليمني انكماشه في العام الجاري 2021م وبنسبة قد تتجاوز 2.2٪، كحالة انحسار مضافة إلى انحساره في أعوام الحرب السابقة.

تقرير اقتصادي صادر عن موقع Focus Economics(المزود العالمي للبيانات والتحليلات الاقتصادية) قال في مايو الماضي: إن آفاق العام المقبل ليست مطمئنة حيث أصبحت المساعدات الدولية أكثر محدودية في الأشهر الأخيرة، ومحادثات السلام لا تمضي قُدماً، مما يخاطر ليس فقط باستمرار الصراع ولكن بتصعيده وبالنتيجة مفاقمة عراقيل التعافي الاقتصادي.

وحذّر البنك الدولي في أكثر من مقام من تدهور الاقتصاد اليمني وانحساره بشكل حاد جراء تضرر قطاع النفط، المصدر الكبير الوحيد من الصادرات، بل وشلل معظم المقدرات النفطية والغازية في البلاد وخروج معظم منشآتها عن الخدمة، بما فيها منشأة بلحاف الغازية في شبوة، جراء تداعيات الصراع بين الأطراف المدعومة من التحالف، وما بقي من صادرات ضئيلة تعرضت لتراجع كبير بسبب انخفاض أسعار النفط العالمية.

وأكد البنك أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية تتدهور بسرعة، مدفوعةً بانخفاض قيمة العملة والاضطرابات التجارية وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والنقص الحاد في إمدادات الوقود وتعطيل العمليات الإنسانية وتقليص حجمها، بما يزيد من أعداد الجوعى في البلاد.

المنظمات التابعة للأمم المتحدة هي الأخرى حذرت، على أكثر من صعيد وفي أكثر من مؤتمر عالمي، من أن اليمن يواجه خطر المجاعة الحقيقية، وكان آخر تلك المؤتمرات، المؤتمر الافتراضي الذي نظمته الأمم المتحدة بالشراكة مع سويسرا والسويد في (الأول من مارس 2021) لجمع 3.85 مليار دولار من الدول المانحة، لتمويل عمليات وقف المجاعة التي تنخر اليمن، إذ حذر أمينها العام غويتريش أن خفض المساعدات يعني الإعدام لعائلات بأكملها، ومع أن المؤتمر عقد وفق المخطط الأممي له، إلا أن الأمم المتحدة لم تنجح سوى في جمع 1,7 مليار دولار، أي أقل من نصف ما يحتاجه البلد لتجنب المجاعة.

وما تجدر الإشارة إليه هو أن الاقتصاد اليمني صار ساحة لمعركة مفتوحة متعددة الأنداد، منها ما هو مرتبط بالحرب التي طاولت معظم مقومات البنية التحتية لمعظم الخدمات التعليمية والصحية والمياه والكهرباء والطرقات والمصانع والأسواق، ومنها ما هو مرتبط بالأوبئة، في ظل نظام صحي منهار غير قادر على مواجهة الجائحة الكونية المتمثلة في فيروس كورونا، وضعف قدرات الدولة على مواجهة شلل الأطفال، المتزامن مع تفشي الكوليرا جراء نقص المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، وتكرار كوارث الفيضانات الموسمية المفاجئة، وانتشار الجراد الصحراوي التي تشكل خطراً محيقاً بالإنتاج الزراعي، وتعريض الأمن الغذائي للتراجع المستمر الذي يهدد ملايين اليمنيين بسوء التغذية، وبالأخص الأطفال دون سن الخامسة.

صندوق النقد الدولي لم يكن بمنأى عن هواجس القلق المحركة لجهوده إزاء الأزمة اليمنية، فقد أعلن في أوائل أكتوبر الماضي تمديد خدمة تخفيف الديون لمدة ستة أشهر لنحو 28 دولة منخفضة الدخل، منها اليمن، كمساعدة إجرائية من ضغط وقت سداد استحقاقات الديون الخارجية على اليمن، وهو ما اعتبره ناشطون محاولة بائسة لا تعالج الخلل الكبير في بنية الاقتصاد اليمني، كونها جاءت في وقت متأخر، كما لم تفد على صعيد التنمية والحد من انهيار الريال، بل أجلت التبعات لزمن قد يأتي أصعب على البلاد في ظل استمرار الحرب والحصار.

الأخطر في المشهد اليمني أن الحرب والحصار على اليمن تدخل عامها السابع وسط غياب تام لأيٍّ من بوارق الأمل في الأفق، لحلول تنقذ البلاد من حتمية المجاعة، أو تطور ملموس في المفاوضات يشي بتحييد الاقتصاد عن مسارات رحى الحرب وتبعاتها، بل أصبح على الاقتصاد مواجهة احتمالات التردي والتراجع، خصوصاً مع مواصلة العملة اليمنية انهياراتها أمام الدولار، مقتربة من حاجز الألف الريال للدولار الواحد، إثر فشل السياسات المالية للحكومة الموالية للتحالف، واستمرار تبديد الاحتياطي والسحب على المكشوف، وتراجع الإيرادات.