القائمة إغلاق

المفرج في بيت التراث الصنعاني.. توثيق – أ / أمة الرزاق جحاف

باب المفرج في بيت التراث الصنعاني والمفرج هو أعلى فراغ سكني في البيت الصنعاني يقع في الدور الخامس من المبنى ويعلو الطابق المسروق وهو أعلى فراغ في البناء البرجي للبيت الصنعاي بخبرته المعروفة وعادة ما يكون المفرج في الجهة الجنوبية الشرقية التي تسمى في صنعاء بالجهة العدنية نسبة إلى مدينة عدن التي تقع في الجنوب وقد تعمد المعماري اليمني أن يجعل غرف النوم والجلوس في الجهة العدنية لدفئها
ويتم الوصول إلى المفرج عادة من خلال صعود الدرج مباشرة دون المرور بالفراغات الأخرى الموزعة في بقية الطوابق مع التذكير أن كلمة طرحة ودور أكثر أستخداما في صنعاء من كلمة طابق

كما تقوم حجرة المفرج الصغيرة من خلال ( الطاقة) النافذة الشرقية الكبيرة التي تسمى ( جرف ) وتقع في موجهة باب المفرج و تتعرض لأشعة الشمس طوال النهار بدور المدفئة فتعكس دفئها إلى داخل المفرج في فترة القيلولة
كما يوجد في المفرج عادة الشواقيص وعددها لإثنان في كل ركن من أركان الجهة الغربية يقومان بدور فلترة الهواء وتنقيته مع الحفاظ على دفئ المفرج
والمفرج مفروش بالفراش التقليدي المحشو بمادة القطن الطبيعي ويحافظ على المسميات التقليدية لمكوناته حيث تكون الوسائد التي تكون أمام النوافذ قصيرة الطول حتى لا تحجب الرؤية للجالس أمامها كما يسهل عملية فتح النافذه دون حاجة لأزالتها ويطلق عليها اسم دوشان

كما وأن من خصوصية العمارة في البيت الصنعاني الستفادة من الفراغات ولذلك توجد المغفرة التي اشتقت اسمها من التغفير وهي عبارة عن خزانة جدارية صغيرة تحفظ بها الأشياء الهامة

ومساحة المفرج صغيرة لا تتسع لأكثر من عشرة إلى خمسة عشر شخصا ولذلك فهو يجمع فقط الأصدقاء الذين تربطهم بصاحب البيت علاقة وطيدة
ويختلف المفرج عن الطيرمانة وهو الخطأ الشائع الذي يجعل الأجيال الجديدة تعتقد أنهما شيئا واحدا وهو الأمر الاي أريد أن أنبه إليه لأهميته لأن المفرج تسمية يمنية في طراز البناء التقليدي اليمني أما الطيرمانة فقد عُرفت في نمط البناء العثماني وهي تغرفة صغيرة تتوسط الجبا وترتفع عنه وجميع جالهات الأربع للطيرمانة مفتوحة ولها نوافذ واسعة والتسمية أساسا تركية تعني طير في أمان وكأنهم قصدوا طيراً يطير في أمان أي أن وجدودالطيرمانة في المبنى دليل على أن تاريخ بنائه يعود إلى الفترة العثمانية

كما يختف المفرج عن المنظر الذي يعود أيضا إلى الفترة العثمانية في الأحياء الجديدة التي أنشأها العثمانيون مثل بير العزب والبونية وبير السلطان ويكون المنظر في الدور الأول أو الثاني من المبنى ويقع أمام البستان ويطل عليه ولذلك سمي بالمنظر إشتقاقا من المنظر الطبيعي الذي يطل عليه

أما المفرج فله نوافذ من الجهات الثلاث أما الجهة الشمالية فمقفلة وذلك لأنها جهة قبلية باردة ( نسبة إلى اتجاه القبلة )

وتسمى ( الطاقة) الصغيرة – النافذة – في المفرج بالشاهد لعله اشتقاقاً من المشاهدة لأن جميع نوافذ المفرج تتيح للجالس فيه الإطلالة على كافة أرجاء المدينة الجميلة وبساتينها

ويجاور المفرج المطهار وهو مكان خاص فقط بالوضوء أما الحمام
الخاص بقضاء الحاجة ( حاشاكم ) فيووجد بشكل مستقل

كما يلحق بالمفرج بيت الشربه ومن التسمية نعرف أنها مشتقة من شربة الماء أي أنها الغرفة التي توضع بها مدلات الماء لتبريدهاوتيرتفع بيت الشربة عن المفرج بعدد من الدرجان الموصلة الى الجبى ( السطوح ) وهي عبارة عن غرفة صغيرة شمالية الإتجاه وجدرانها عبارة عن فتحتات ذات شكل هندسي ( معين ) بحيث تبدو كأنها خلية نحل وتسمح بدخول الهواء وحركته وتتوزع بداخلها أماكن وأرفف خشبية خاص بوضع المدلات ( جمع مدل وهي جرة الماء المصنوعة من افخار ) الذي يسمى في صنعاء بالمدر التي يكون قد سبق تبخيرها وتعبئتها بالمياه العذبه أوسلاسل تتدلى من سقفها لتعليق الشربات وهي قللالماء التي تسمى بالكعد وذلك لتكون المياة المبردة والمبخرةفي متناول من يحتاج إليها من المقيلين

بقي في موضوعنا كلمة نقولها عن الزهرة التي أصبح كثير من أبناء الجيل الجديد لا يعرفونها أو يخلطون بينها وبين المفرج والصحيح أن الزهرة مكان صغير يعلو المفرج وهي جزء مستقطع منه ويتم الوصول إليها من داخله من خلال أربع أو خمس درج صغيرة ولا تتسع إلا إلى أربعة أو خمسة أشخاص يجلسون وكأنهم متربعون على عرش العالم

المفرج في بيت التراث الصنعاني
توثيق – أ / أمة الرزاق جحاف