القائمة إغلاق

كون رقمي ، هل نحن عبارة عن معلومات !! اسامة عبدالرحمن جميل

الالوان هي اليه طروتها عقولنا لتمييز البيئة المحيطة , اطوال لموجة الضوء بين 400-700 نانومتر تمثل 3 الوان رئيسية تمزجها عقولنا لتنتج 10 مليون لون اخر . جزء من مليار جزء من موجة الضوء تعاملت معها عقولنا كألوان واهملت البقية حتى امتلكنا التقنية الملائمة لنستفيد من بقية طول موجة الضوء في عملية نقل المعلومات والاتصال .

اهتزازات في الطبقات الجوية المنخفضة لغلاف كوكب الارض تعاملت معها الاذن على انها اصوات وميزت تلك التي تتراوح بين 20 اهتزاز و20 الف اهتزاز في الموجة وعن طريق مزج نوتات السلم الموسيقي استطعنا ان نتعامل مع ملايين الاطوال الموجية الصوتية لنمايز بينها ونحولها الى الية مثلى للتواصل.

وكلما تصادمت ذرة من ذرات اجسادنا مع اخرى متساوية في الشحنة بمحيطها عرفنا ذلك المحيط بشكل من اشكال المادة فتارة جماد واخرى سائل واحيان غاز .

وفي قلب الخلية الحية تتموقع صبغاتنا الوراثية كمثل ورقة شجرة وحيدة في محيط , لتخزن وتأرشف كل معارفنا وخبراتنا منذ الخلية الاولى حتى اليوم، وتنتج الية معقدة جدا في معالجة البيانات , تلك المعالجات الجوهرية هي التي تتحكم بقرارتنا واداراكاتنا بناء على الية اتخاذ القرار لحظة بلحظة ضمن ملايين الخيارات التي نقلتها جيناتنا عبر ملايين الاسلاف .

في تلك المنطقة نجد الكون بداخلنا ونجدنا بداخل الكون , بداخلنا توجد المجرات وبداخل المجرات توجد النجوم وحولها تدور الكواكب وعلى بعضها نوجد , علينا ان نستثني معضلة “الحجم” فقط لنفهم هذة المعادلة.

عندما حدث الانفجار العظيم لزم الامر اجزاء من الثانية الاولى ليتضخم الكون لمليارات المرات ثم بدأت الجزيئات الاساسية بالتشكل سريعا ثم بعد ٨ دقائق امتلك الكون كمية كافية من الجزيئات التي تمكنت من تشكيل اول ذرات الهيدروجين وعندما اصبح الهيدروجين هو المسيطر الاكبر على الكون تجمعت ذراته لتشكل النجوم الاولى “النجوم الام” تلك التي استمرت في عملية انتاج لذرات الهيليوم , حيث أصبح الكون قادر على تصنيع مستوى اكثر تعقيدا من الذرات , وعندما انفجرت النجمة الاولى اعلنت وفاة الام الاولى ولكنها انتجت طاقة كافية لأنتاج عشرات العناصر الجديدة , تلك العناصر التي سرعان ما تضاعفت وتجمعت لتتشكل على شكل كواكب ثم ارتصت وفقا لتراتبية الوزن الذري لتهبط العناصر الاثقل الى قلب الكوكب وترتص الاخف بطبقات وصولا الى العناصر الاخف , مثل الكربون والسيلكا التي مثلت التربة والسطح, والاخف منها تشكلت على شكل سحاب وهواء وغلاف جوي , مالبثت تلك العناصر ان تشكلت بصور اكثر تعقيدا , احتاج الامر الى 3.5 مليار سنة لتنتج الخلية الحية الاولى تلك التي امتلكت الصبغة الوراثية الاولى التي سجلت اولى التجارب ولم تتوقف بتسجيل المزيد حتى اللحظة.

بداخلنا يوجد الكون , توجد الذرات الاولى التي صنعتها النجوم , نحن ابناء تلك النجوم , نتكون من العناصر التي انتجتها النجوم وهي تلفظ انفاسها الاخيرة , لنجد نجوم اخرى فتية ونلتف حولها تارة على شكل كواكب واقمار وتارة بصورة مستوى معقد من التفاعلات الكيميائية (كائنات حية) , وفي دورة حياة كوكب ما نظهر على سطحة بصورة طفيلية عابرة , تماما كما يحدث لأجسادنا عندما تستوطنها بكتيريا غريبة لأيام لنتهكها وتسبب لها بعض المعاناة لكن سرعان ما نستعيد عافيتنا ونعيد ترميم الاضرار , هكذا تفعل الكواكب فهي تعاني من كائنات طفيلية تستوطن سطحها لفترة محدودة ولكنها تتخلص من الحضور المزعج والعابر سريعا وتستعيد عافيتها .

بينما يعتقد البعض ان ميكانيزم الوجود هو علم مادي يروج للالحاد يغوص بعض المؤمنين بمستويات متقدمة من الإيمان في كل لحظة يفهموا كم صغير من أسرار هذا الكون ، وبينما يعتقد البعض ان كل شيء يخلق نفسه ، يتجلى لآخر ان الكون نفسه هو أحد مخلوقات الله وان كل جزء من وعينا هو جزء من وعي الكون الكلي ، نحن الكون في جزء من لحيظاته!!

نطلق على هذا الكم الهائل من المعلومات (حياة) , ويصفها اينشتاين بأنها “وهم” ولكن وهم “ثابت”.

اسامة عبدالرحمن جميل