القائمة إغلاق

هل استطاعت صنعاء أن تجعل “رؤية 2030” السعودية مرهونة بالتصالح معها؟

إبراهيم القانص – سبايسي نيوز|

أحيت العاصمة صنعاء، الجمعة، مناسبة يوم القدس العالمي، الذي أحيته كل المحافظات والمناطق الواقعة في نطاق سيطرة حكومة صنعاء، تعبيراً عن الموقف الثابت والمبدئي من القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الأولى،

في وقت تخلت غالبية دول المنطقة عن هذه القضية المحورية القائمة على الصراع الأزلي بين إسرائيل والعرب، لكن الكيان الغاصب- كما يبدو- استطاع توسيع تحالفاته في المنطقة العربية عن طريق الولايات المتحدة ومن خلالها، إذ وجهت حلفاءها في الشرق الأوسط وحفزتهم ودفعت بهم إلى تطبيع علاقاتهم مع العدو الأول لهم، حتى أعلن عدد منهم التطبيع رسمياً مع الكيان فيما يعتبر عدد آخر منهم في عداد المطبعين لكن بشكل سري.

ومع مناسبة يوم القدس العالمي، احتفل اليمنيون في العاصمة صنعاء بوصول الدفعة الأولى من الأسرى لدى التحالف والحكومة الموالية له، ضمن الخطوات الأولى من الاتفاق على تمديد الهدنة والذي رعته سلطنة عمان، وحضر جولته الأولى المعلنة رسمياً السفير السعودي، محمد آل جابر، وعلى مدى ستة أيام، على أن تُستأنف التفاوضات في وقت لاحق لاستكمال حل الخلافات والمسائل العالقة.

مراقبون اعتبروا اللقاء السعودي اليمني في صنعاء خطوة مهمة عالية الجدوى في طريق الحل الشامل وصولاً إلى سلام دائم، منوهين بأن صنعاء كانت الطرف الأقوى، إذ استطاعت فرض شروطها وتثبيت السعودية كطرف معتدٍ، باعتبارها هي التي قادت الحرب وأدارتها طيلة الأعوام الثمانية الماضية، وبالتالي تتحمل كل تبعاتها كحتمية فرضها تدخل المملكة في الشأن اليمني، من قتل عبثي ودمار شامل وانهيار اقتصادي، خصوصاً أن اليمنيين كافة دفعوا ولا يزالون يدفعون ثمن ذلك، حتى في مناطق سيطرة التحالف وحكومة الشرعية الموالية له، رغم أن الوعود كانت في بداية الحرب مغرقة في ورديتها بتحويل تلك المناطق إلى جنة ومدن أفلاطونية، ولكن ذلك لم يكن سوى فخ وقعت فيه الأدوات المحلية الموالية للتحالف، التي سهلت له التواجد العسكري في تلك المناطق ومن ثّمّ حوّلها إلى بؤر للفوضى الأمنية والفساد بكل أشكاله، في وقت تمكنت سلطات صنعاء من ضبط الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرتها، وحتى الاقتصادية، وكان لذلك عظيم الأثر في قوة موقف صنعاء خلال التفاوضات، الأمر الذي جعلها تفرض ما رأته حقوقاً مستحقة، وبالتالي قبول الجانب السعودي، بل وتحمله مسئولية الموالين له والمتعاونين معه باعتبارهم أدواته.

وأشار المراقبون إلى أن موافقة السعودية على كل شروط ومطالب سلطات صنعاء، التي تخص الجانب الإنساني، وطلب السفير آل جابر وقتاً لوضع آلية تنفيذية لإنجازها، كان بمثابة فرض اليمن- ممثلاً في سلطات صنعاء- قوةً إقليميةً فاعلةً ومؤثرةً، وأن الرياض أصبحت تعي ذلك جيداً، خصوصاً أن رؤية 2030 السعودية، قائمة منذ وضعها على قوة المملكة النفطية، وهي التي تعهدت صنعاء بنسفها في حال استمرت الحرب ونهب الثروات وانتهاك السيادة اليمنية، ولم تكن تلك التهديدات للاستهلاك الإعلامي أو لكسب الوقت في مقابل ترتيبات معينة تنجزها، بل كانت واقعاً مثبتاً بالأدلة والبراهين الموثقة، حين وصلت الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية إلى العمق السعودي، وتحديداً إلى منشآت أرامكو النفطية، الأمر الذي أجبر المملكة على النزول من أبراجها وخفض معدلات غرورها الذي وصل حد تعهدها بالقضاء على قوات صنعاء خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أو أربعة أشهر، بعد أن قالت أسابيع، وكما تمكنت صنعاء من تغيير كل المعادلات على الأرض، لا تزال الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت غير المتوقعة.