القائمة إغلاق

فعل عابر للجغرافيا وخطاب للتاريخ


عدنان باوزير – سبايسي نيوز|

صدقوني ومن هنا سأدخل لاستعراض بعض أهم نقاط خطاب قائد المسيرة القرآنية في اليمن السيد عبد الملك الحوثي الأخير والذي لا يمكن وصفه بغير التاريخي بكل المقاييس : ليس هناك من يشعر بقسوة ومرارة الخذلان لنداء : ألا هل من ناصر ينصرنا ، أكثر من أبناء مدرسة الحسين ، أقول هذا فقط لتقديم مفتاح فهم هذه الثقافة .
ومهما بلغت قوة الطغاة فلن تستطيع أن تقتل فكرة أو توأد صرخة ..
سأحاول الاقتباس بعض نقاط الخطاب حرفياً ثم التعليق عليها وسأبدأ من حيث أنتهى السيد الحوثي :
• [أمَّا على مستوى التحرك العسكري بالوسائل المتاحة والمتوفرة بأيدينا، فنحن لن نألوا جهداً، إخوتنا في القوة الصاروخية بدأوا عملهم، ونفَّذوا عدداً من العمليات بالقصف الصاروخي، بالصواريخ البعيدة المدى، إلى جنوب فلسطين المحتلة؛ لاستهداف أهداف إسرائيلية صهيونية هناك، وكذلك الإخوة في الطيران المسيَّر، وآخرها البارحة في عملية نفذوها البارحة.] من زاوية مغايرة تماماً لما يدور حوله النقاش فلن أتحدث عن كيف كسرت هذه الصواريخ والمسيرات حاجز الجغرافيا ، وهل وصلت أم لم تصل ..الخ ، فقد سبق أن عبرت هذه الأسلحة الى مسافات مماثلة وحققت أهدافها ، وإعادة تأكيد المؤكد وأثبات المثبت محض حماقة ، سأطرح فقط السؤال الكبير والمهم هو : من أتخذ هذا القرار ؟؟ وكيف وصلت الجرأة الى هذا الحد ؟؟ ومثله من أتخذ قرار إسقاط المسيرة الامريكية في البحر الأحمر ؟؟
لقد قالها السيد أبو جبريل صريحة واضحة بلسان عربي مبين فهمه حتى العبري ولم يفهمه كثير من المستعربين ، لم يختبئ خلف الاستعارات والتلميحات والرسائل المشفرة ، وهنا تكمن شجاعة القائد ، والأمر ببساطة أنه قبل أن يُكسر حاجز الجغرافيا كسر الأنصار نفسياً ومادية حواجز أصعب من هذه بكثير ، كسروا حاجز الخوف ، حاجز الضعف ، حاجز الهزيمة ، حاجز التفوق الوهمي للعدو وحواجز كثيرة أخرى كلها تكسرت في نفوس هؤلاء الرجال الشجعان قبل أن تكسر كتل الحديد والمتفجرات هذه حاجز الجغرافيا .
لم تتعرض طائرة أمريكية ومنذ الحرب العالمية الثانية للإسقاط سوى مرتين لا ثالث لها ، الأولى فعلتها إيران وتعرفون إمكانيات إيران والثانية فعلها الأنصار وهنا تكمن قوة وجرأة القرار وحجم الصفعة على وجه أمريكا .
• وكنا نقول على مدى السنوات الماضية، ونقولها اليوم: أنه لو يتوفر لشعبنا العزيز منفذٌ بريٌ يتحرك من خلاله ليصل إلى فلسطين؛ لتحرك أبناء شعبنا بمئات الآلاف من المجاهدين الأبطال الأحرار، الذين سينطلقون بكل رغبة، ونتمنى ونطلب من الدول التي تفصل بيننا جغرافيا وبين فلسطين المحتلة- ولو على الأقل ليختبروا ويجرِّبوا مصداقيتنا، ومصداقية شعبنا- أن يفتحوا منفذاً برياً للعبور والمرور فقط، طريق للمرور، للعبور، يصل من خلالها أبناء شعبنا ليتدفقوا بمئات الآلاف من المجاهدين للذهاب إلى فلسطين، للالتحام المباشر، والمواجهة المباشرة للعدو الصهيوني.
قالها من قبل تشدقا حاكم سابق لليمن فكذّبته شواهد الامتحان ، وتحولت مقولته الى نكتة وموضوع للسخرية والتندر وهو يقول شيء ويفعل تحت الطاولة عكسه تماما ، أما هذا فقد سبق قوله الفعل وكفى .
• وليعرف الكل، أنَّ العدو الإسرائيلي يعتمد في حركته في البحر الأحمر، وبالذات من باب المندب، على التهريب والتمويه، ولم يجرؤ أن يرفع الأعلام الإسرائيلية على سفنه، هو يهرِّب تهريب، ويغلق أجهزة التعارف، ولكن مع ذلك لن يفلح، سنبحث حتى نتحقق من السفن التي هي تابعةٌ له، ولن نتوانى عن استهدافها، لكن ليعرف الكل أنه خائف، وأنه يعتمد هذا الأسلوب، وهذا يدلل على مدى جدوائية وتأثير موقف بلدنا وشعبنا، وتأثيره على العدو الإسرائيلي، هو خائف إلى هذه الدرجة، في الوقت الذي يرفع الأعلام الإسرائيلية في سفاراته في دول عربية، وفي عواصم دول عربية، لا يجرؤ أن يرفع العلم الإسرائيلي على سفن يمر بها في البحر الأحمر، أو من باب المندب، بل يرفع أعلام دول أخرى؛ ليموه على سفنه، ويغلق أجهزة التعارف حتى يسعى لئلا يتم رصدها، ولكن- إن شاء الله- سنظفر- بتوفيق الله “سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى”- بهم، وسننكل بهم، وفي أي مستوى تناله أيدينا وإمكاناتنا، لن نتردد في استهداف العدو الإسرائيلي، هذا موقفنا المعلن والصريح والواضح، وليعرف به كل العالم.
لم تنتهي هنا القصة ، فالمسألة ليست مجرد رفع عتب والسلام بل أن هذا الفعل الجريء والشجاع والمذهل سيستمر ويتواصل حتى يتوقف العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة .
• منذ بداية الأحداث هناك وصلتنا رسائل التهديد والترغيب من الجانب الأمريكي، الأمريكي يرغِّب، ويتوعَّد، ويتهدد، وكلها لم نكترث لها، وقد قلنا في إجابتنا على الرسالة الأمريكية، عندما قالوا في تلك الرسالة: أنهم قد وجَّهوا دول المنطقة وأصدروا لها تعليماتهم بأن لا يكون من جانبها أي ردة فعل ولا أي موقف، قلنا: لا تحسبونا معهم، لسنا ممن يتلقى توجيهاته منكم، ولسنا ممن يتقبل أوامركم، ولا نخضع لأوامركم.
وأترك التعليق على هذا لكم أنتم !
• نقاط كثيرة لافتة ومميزة – فكل الخطاب الطويل استثنائي – يصعب استعراضها كلها سأوردها مجتمعة في هذه العجالة .
*أكبر خروج جماهيري في العالم أجمع فكل شيء في زمن الأنصار أرقام قياسية
*تفاعل اعلامي ومجتمعي ورسمي غير مسبوق وجمع تبرعات وفي هذه أكبر مفارقة لم يعرف وضع اليمن الاقتصادي والمعيشي المزري بفعل العدوان.
*بدأ السيد خطابه منطلقاً من قدسية يوم الشهيد وفضل الشهداء وما أعد الله لهم من ثواب ، والإشادة بهم وبتضحياتهم العظيمة ، متناولاً أهمية الجهاد للأمة وصناعة عزتها ، ومنه ولج الى حدث الساعة وهو العدوان الصهيوني الهمجي على غزة وجرائمه التي يندى لها الجبين.
*دعوة حكيمة للفرقاء في اليمن أن يكون هذا الحدث الجلل عامل لتوحد والاجتماع وتوحيد الجهود .
*استعراض الدعم الأمريكي وجسوره الجوية للكيان لقتل الأبرياء وتغطيته سياسياً وحمايته ومع درج الغرف المنافق ، مصحوب بسكوت معيب وتواطؤ أممي فاضح .
*سقوط وتهافت شعارات الغرب الزائفة عن الديمقراطية وحقوق الانسان وحقوق المرأة والطفل ..الخ .
*عجز 57 دولة عربية وإسلامية وتخاذلهم بل وتواطؤهم مع العدوان ولم يستطيعوا أن يقدموا لغزة غير كلام سقفه واطئ ومخزي .
*عقد مقارنة محزنة للغاية بين كرنفال الدم المسفوك في غزة ومهرجان الترفيه في الرياض , ولم يعرض هنا بل ذكر السعودية بالاسم وقال صراحة للأعور يا أعور .
*أشاد بشجاعة وبطولات وصمود المجاهدين في غزة ، وثمّن جهود مكونات محور المقاومة ، وجدد المناشدات للتدخل لإنقاذ غزة وعدد عذابات ومعاناة أهلنا هناك .
وتناول نقاط مهمة كثيرة يستعصي حصرها في هذه العجالة وبتواضع العظماء والكبار قال : ما فعلنا ذلك تفاخراً أو عرضاً للعضلات أو مناكفة ، وفي هذا يعيدني لأول نقطة في المقال وكأنه يقول : ما خرجت أشرا ولا بطرا …